جَاءَتْ كَلِمَةً ٱلْإِنفَاقِ فِي كِتَابِ اَللَّهِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّىٓ إِذًۭا لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ ٱلْإِنفَاقِ ۚ وَكَانَ ٱلْإِنسَٰنُ قَتُورًۭا ﴿١٠٠﴾ سُورَةُ الإِسۡرَاءِ
وَقَدْ وَرَدَتْ مُشْتَقَّاتِ اَلْكَلِمَةِ فِي كِتَابِ اَللَّهِ 72 مَرَّةٍ ، وَهِيَ كَمَا مَا يَلِي:
-
اَلْإِنْفَاق يَكُونُ مِنْ اَلْأَمْوَالِ، وَمِنْ طَيِّبَاتٍ مَا كَسَبْنَا، وَمِمَّا رَزَقَنَا اَللَّهُ، وَمِمَّا أَخْرَجَ لَنَا مِنْ اَلْأَرْضِ، وَمِمَّا جَعَلَنَا اَللَّهُ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ، وَالْإِنْفَاقُ يَكُونُ فِي اَلسَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَسِرًّا وَجَهْرًا، وَمِمَّا نُحِبّ، وَابْتِغَاءُ مَرْضَاتِ اَللَّهِ.
-
لَا تُسْرِفُ وَلَا تُقَتِّرُ فِي اَلْإِنْفَاقِ، وَلَا يَكُونُ اَلْإِنْفَاقُ رِئَاءَ اَلنَّاسِ، وَلَا تَتَّبِعُهُ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى، وَلِتَعَلُّمَ أَنَّ مَا تُنْفِقُهُ يَخْلُفُهُ اَللَّهُ وَيُوفِه إِلَيْكَ.
-
كَمَا أَنَّ اَلْإِنْفَاقَ مِنْ سِمَاتٍ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلْمُتَّقِينَ، اَلْمُخْبِتِينَ، . . . وَأَحَدَ أَسْبَابِ قِوَامَةِ اَلرِّجَالِ عَلَى اَلنِّسَاءِ أَنَّهُمْ يُنْفِقُونَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ.
كَمَا أَنَّ اَلصَّدَقَةَ أَحَدُ أَوْجُهِ اَلْإِنْفَاقِ لَكِنْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِئَاتٍ حَدَّدَهَا اَللَّهُ لَنَا وَهِيَ:
اَلْإِنْفَاقُ: لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ اَلسَّبِيلِ وَلِلْفُقَرَاءِ وَفِي سَبِيلِ اَللَّهِ وَعَلَى اَلْحَامِلِ اَلْمُطْلَقَةِ حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا.
اَلصَّدَقَاتُ: لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي اَلرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اَللَّهِ وَابْنُ اَلسَّبِيلِ.
يَسْـَٔلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ ۖ قُلْ مَآ أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍۢ فَلِلْوَٰلِدَيْنِ وَٱلْأَقْرَبِينَ وَٱلْيَتَٰمَىٰ وَٱلْمَسَٰكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا۟ مِنْ خَيْرٍۢ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِيمٌۭ ﴿٢١٥﴾ سُورَةُ البَقَرَةِ
لِلْفُقَرَآءِ ٱلَّذِينَ أُحْصِرُوا۟ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًۭا فِى ٱلْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ ٱلْجَاهِلُ أَغْنِيَآءَ مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَٰهُمْ لَا يَسْـَٔلُونَ ٱلنَّاسَ إِلْحَافًۭا ۗ وَمَا تُنفِقُوا۟ مِنْ خَيْرٍۢ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِيمٌ ﴿٢٧٣﴾ سُورَةُ البَقَرَةِ
وَأَنفِقُوا۟ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا تُلْقُوا۟ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوٓا۟ ۛ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ ﴿١٩٥﴾ سُورَةُ البَقَرَةِ
أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا۟ عَلَيْهِنَّ ۚ وَإِن كُنَّ أُو۟لَٰتِ حَمْلٍۢ فَأَنفِقُوا۟ عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَـَٔاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۖ وَأْتَمِرُوا۟ بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍۢ ۖ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُۥٓ أُخْرَىٰ ﴿٦﴾ لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍۢ مِّن سَعَتِهِۦ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُۥ فَلْيُنفِقْ مِمَّآ ءَاتَىٰهُ ٱللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَآ ءَاتَىٰهَا ۚ سَيَجْعَلُ ٱللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍۢ يُسْرًۭا ﴿٧﴾ سُورَةُ الطَّلَاقِ
إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰتُ لِلْفُقَرَآءِ وَٱلْمَسَٰكِينِ وَٱلْعَٰمِلِينَ عَلَيْهَا وَٱلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى ٱلرِّقَابِ وَٱلْغَٰرِمِينَ وَفِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةًۭ مِّنَ ٱللَّهِ ۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌۭ ﴿٦٠﴾ سُورَةُ التَّوۡبَةِ
لَكِنَّ اَلسُّؤَالَ هُنَا
كَيْفَ يَكُونُ مَا نُنْفِقُهُ هُوَ اَلْعَفْوُ؟
يَسْـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌۭ كَبِيرٌۭ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ۗ وَيَسْـَٔلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ ٱلْعَفْوَ ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلْءَايَٰتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ﴿٢١٩﴾ سُورَةُ البَقَرَةِ
أَوَّلاً: اَلْمُطْلَقَةَ
إِذَا طَلَّقْتُمْ اَلنِّسَاءُ مِنْ قَبْلُ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةٌ فَمَتِّعُوهُنَّ كُل عَلَى حَسَبِ مَقْدِرَتِهِ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ.
لَكِنْ إِذَا طَلَّقْتُمْ اَلنِّسَاءُ مِنْ قَبْلُ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةُ فَمِنْ حَقِّهَا أَنْ تَأْخُذَ نِصْفُ اَلْفَرِيضَةِ إِلَّا أَنْ تَتَنَازَلَ وَتَعْفُو عَنْهُ أَوْ يَعْفُو مِنْ بِيَدِهِ عُقْدَةَ اَلنِّكَاحِ، وَيُعْتَبَرَ هَذَا اَلْعَفْو نَوْعٌ مِنْ اَلْإِنْفَاقِ.
لَّا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا۟ لَهُنَّ فَرِيضَةًۭ ۚ وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى ٱلْمُوسِعِ قَدَرُهُۥ وَعَلَى ٱلْمُقْتِرِ قَدَرُهُۥ مَتَٰعًۢا بِٱلْمَعْرُوفِ ۖ حَقًّا عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ ﴿٢٣٦﴾ وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةًۭ فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّآ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا۟ ٱلَّذِى بِيَدِهِۦ عُقْدَةُ ٱلنِّكَاحِ ۚ وَأَن تَعْفُوٓا۟ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۚ وَلَا تَنسَوُا۟ ٱلْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴿٢٣٧﴾ سُورَةُ البَقَرَةِ
ثَانِيًا: اَلْقِصَاصُ
يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِصَاصُ فِى ٱلْقَتْلَى ۖ ٱلْحُرُّ بِٱلْحُرِّ وَٱلْعَبْدُ بِٱلْعَبْدِ وَٱلْأُنثَىٰ بِٱلْأُنثَىٰ ۚ فَمَنْ عُفِىَ لَهُۥ مِنْ أَخِيهِ شَىْءٌۭ فَٱتِّبَاعٌۢ بِٱلْمَعْرُوفِ وَأَدَآءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَٰنٍۢ ۗ ذَٰلِكَ تَخْفِيفٌۭ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌۭ ۗ فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُۥ عَذَابٌ أَلِيمٌۭ ﴿١٧٨﴾ سُورَةُ البَقَرَةِ
فَالْعَفْوُ فِي اَلْقِصَاصِ هُوَ نَوْعٌ مِنْ اَلتَّصَدُّقِ كَمَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ أَنَّ ٱلنَّفْسَ بِٱلنَّفْسِ وَٱلْعَيْنَ بِٱلْعَيْنِ وَٱلْأَنفَ بِٱلْأَنفِ وَٱلْأُذُنَ بِٱلْأُذُنِ وَٱلسِّنَّ بِٱلسِّنِّ وَٱلْجُرُوحَ قِصَاصٌۭ ۚ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِۦ فَهُوَ كَفَّارَةٌۭ لَّهُۥ ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ ﴿٤٥﴾ سُورَةُ المَائِدَةِ
ثَالِثًا: اَلدِّيَةُ
فَعِنْدَمَا يَعْفُوا أَهْلُ اَلْمَقْتُولِ عَنْ اَلْقَاتِلِ وَلَا يَأْخُذُونَ اَلدِّيَةُ فَيُعْتَبَرُ هَذَا نَوْعٌ مِنْ اَلتَّصَدُّقِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَـًۭٔا ۚ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَـًۭٔا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍۢ مُّؤْمِنَةٍۢ وَدِيَةٌۭ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰٓ أَهْلِهِۦٓ إِلَّآ أَن يَصَّدَّقُوا۟ ۚ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّۢ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌۭ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍۢ مُّؤْمِنَةٍۢ ۖ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍۭ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَٰقٌۭ فَدِيَةٌۭ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰٓ أَهْلِهِۦ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍۢ مُّؤْمِنَةٍۢ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةًۭ مِّنَ ٱللَّهِ ۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًۭا ﴿٩٢﴾ سُورَةُ النِّسَاءِ
رَابِعًا: اَلرِّبَا
لَقَدْ جَاءَ أَمْرُ اَللَّهِ لِلْمُؤْمِنِينَ بِأَنْ يَتْرُكُوا مَا بَقِيَ مِنْ اَلرِّبَا وَمِنْ يَمْتَثِلُ لِأَمْرِ اَللَّهِ يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْخُذَ أَصْلُ اَلْمَالِ دُونَ زِيَادَةٍ فِيهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَٰلِكُمْ، وَإِذَا تَعَسَّرَ اَلشَّخْصُ عَنْ رَدِّ أَصْلِ اَلْمَالِ لِصَاحِبِهِ يُمْهِلُهُ صَاحِبُ اَلْمَالِ إِلَى حِينِ مُيَسَّرَة أَوْ أَنْ يَعْفُوا عَنْهُ وَيُكَوِّنُ بِذَلِكَ قَدْ تُصَدِّقُ بِهَذِهِ اَلْأَمْوَالِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَذَرُوا۟ مَا بَقِىَ مِنَ ٱلرِّبَوٰٓا۟ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴿٢٧٨﴾ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا۟ فَأْذَنُوا۟ بِحَرْبٍۢ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ۖ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَٰلِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ﴿٢٧٩﴾ وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍۢ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍۢ ۚ وَأَن تَصَدَّقُوا۟ خَيْرٌۭ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿٢٨٠﴾ سُورَةُ البَقَرَةِ